قال القاضي الجرجاني رحمه الله : عزة النفس
يقولون لي فيك انقباضٌ وإنما ** رأوا رجلاً عن موقفِ الذلِّ أحجما
أرى الناسَ من داناهُمُ هان عندهم ** ومن أكرَمته عزةُ النفسِ أكرِما
ولم أقضِ حَقَّ العلمِ إن كان كُلَّمَا ** بـــــــــدا طَمَعٌ صَيَّرتُه لي سُلَّما
وما زلتُ مُنحازاً بعرضيَ جـــانباً ** من الذلِّ أعتدُّ الصيانةَ مَغنمــــا
إذا قيلَ هذا مَنهلٌ قلتُ قد أرى ** ولكنَّ نفسَ الحـــــــرِّ تَحتَملَ الظَّمَا
أُنزِّهها عن بَعضِ ما لا يشينُها ** مخافةَ أقوال العــــــــدا فيم أو لما
فأصبحُ عن عيبِ اللئيمِ مسلَّما ** وقد رحتُ في نفسِ الكــــريمِ مُعَظَّما
وإني إذا ما فاتني الأمرُ لــم أبت ** أقلِّبُ فــــــــــــــــكري إثره مُتَنَدِّما
ولكنه إن جــــــــاء عَفواً قبلتُه ** وإن مَــــــــــــالَ لم أُتبعهُ هَلاِّ وليتَما
وأقبضُ خَطوي عن حُظوظٍ كثيرةٍ ** إذا لم أَنلها وافرض العرضِ مُكرما
وأكرمُ نفسي أن أُضــــاحكَ عابساً ** وأن أَتلقَّى بالمــــــــــديح مُـــذمَّما
وكم طـــــالبٍ رقي بنعماه لم يَصِل ** إليـــــــه وإن كَانَ الرَّئيسَ الُمعظَّما
وكم نعمة كـــانت على الُحرِّ نقمَةً ** وكـــــــــــم مغنمٍ يَعتَده الحرُّ مَغرَما
ولم أبتذل في خدمة العلمِ مُهجَتي ** لأَخدمَ من لاقيتُ لــــكن لأُخدما
أأشقى به غَرساً وأجنيه ذِلـــــةً ** إذن فاتباعُ الجهلِ قد كان أَحــزَما
ولو أن أهل العلمِ صانوه صانَهُم ** ولو عَظَّمُوه في النفوسِ لَعُظِّما
ولكن أهـــــــانوه فهانو ودَنَّسُوا ** مُحَيَّاه بالأطمــــــاعِ حتى تَجهَّما
فإن قُلتَ جَدُّ العلم كــــــابٍ فإنما ** كبا حين لم يحرس حماه وأُسلما
وما كلُّ برقٍ لاحَ لي يستفزُّني ** ولا كلُّ من في الأرضِ أرضاه مُنَعَّما
ولكن إذا ما اضطرني الضُّرُّ لم أَبتِ ** أُقلبُ فكــــــري مُنجداً ثم مُتهما
إلى أن أرى مـــــا لا أغَصُّ بذِكره ** إذا قلتُ قــــــد أسدى إليَّ وأنـعما
قال ابن عبد ربه الأندلسي رحمه الله : لا تأمن الدنيا
ألاّ إنّما الدُّنيا غضَارةُ أيكةٍ ** إذا أخضرَّ منها جانبٌ جفَّ جانبُ
هي الدَّار ما الآمال إلا فجائعٌ ** عليَها ولا اللذَّاتُ إلاّ مَصائب
وكم سَخِنَت بالأمس عَينٌ قَريرةٌ ** وقرَّت عُيونٌ دمعُها اليوم ساكب
فلا تَكتحل عيناك فيها بَعْبرٍة * * على ذاهب منها فإنك ذاهب
أورده لكم عبيد ربه سالم أبو ياسر التيميموني القوراري نزيل المشرية