قال الْقَاضِي أَبِي الْحَسَنِ عَلِي بن عَبْدِ الْعَزِيزِ الْجُرْجَانِيِّ :
يَقُولُونَ لِي فِيكَ انْقِبَاضٌ وإنَّمــــــــــا ... رَأَوْا رَجُلاً عنْ مَوْقِفِ الذلِّ أحْجمـــا
وَما زِلْتَ مُنْحَازًا بِعِرْضِي جَانِبًــــــا ... عَن الذَّمِّ أَعْتدُّ الصِّيَانَةَ مُنَعّمَــــــــــــا
أَرَى النَّاسَ مَنْ دَانَاهُم هَانَ عِنْدَهُــــم ... وَمَنْ أَكْرَمَتْهُ عِزَّةُ النَّفْسَ أُكْرِمَــــــــا
إِذَا قِيلَ هَذَا مَوْردٌ قُلْتُ قَـــــــــدْ رَأى ... وَلكنَّ نَفْسَ الْحُرِّ تَحْتَمِلُ الظَّمَــــــــــا
أُنََزّهُهَا عَنْ بَعْضِ مَا قَدْ يَشِينُهَــــــــا ... مَخافةَ أَقْوَالِ العِدا فِيمَ أَوْ لِمَـــــــــــــا
فَأُصبْحُ عن عَيبِ اللئم مُسَلَّمــــــــــاً ... وَقَدْ رحْتُ في نَفْسَ الكريم مُعَظَّمَــــا
فَإنْ قُلْتَ زَنْدَ العِلْمِ كَابَ فَإنَّمــــــــــا ... كَبَا حَيْثُ لَمْ تحْمَى حِمَاهُ وَأَظْلَمَـــــــا
وَلَوْ أَنَّ أَهْل الْعِلْمِ صَانُوهُ صَانَهُـــــمْ ... وَلَوْ عَظَّمُوهُ فِي النُّفُوسِ لَعُظِّمَــــــــا
وَلَكِنْ أَهَانُوهُ فَهَانُوا وَدَنَّسُـــــــــــــوا ... مُحَيَّاةُ بالأطماعَ حَتَّى تَجَهَّمَــــــــــــا
وَلَمْ أَقْضِ حَقَّ الْعِلْمِ إِنْ كَانَ كُلمَّـــــا ... بَدَا طَمَعٌ صَيَّرْتُهُ لِي سُلَّمَــــــــــــــــا
وَكَمْ طَالبِ رِقي بنُعْمَاهُ لم يَصِــــــلْ ... إليه وإنْ كَانَ الرَّئِيسَ المُعَظَّمَـــــــــا
وَكَمْ مِنْ نِعْمَةٍ كانَتْ على الْحُر نِقْمَةً ... وَكَمْ مَغْنَمٍ يَعْتَدهُ الْحُر مَغْرَمَــــــــــــا
وَلكن إِذَا مَا اضْطَرني الضُّرُّ لم أبِتْ ... أقَلّبُ فِكْرِي مُنْجدًا ثُمْ مُتْهِمَـــــــــــــا
إِلى أَنْ أَرَى مَالا أَغُصُّ بِذِكـــــــــِرهِ ... إِذَا قُلْتُ قد أَسْدَى إليَّ وَأَنْعَمَـــــــــــا
وَلَمْ أَبْتَذِل في خِدْمَةِ العلم مُهْجَتِــــــي ... لأَخْدِمَ مَنْ لاقِيتُ لَكِنْ لأخْدمــــــــــا
أأشْقَي بِهِ غَرْسًا وأَجْنِيهِ ذِلَّـــــــــــــةً ... إِذًا فاتّباعُ الْجَهْلِ قَدْ كَانَ أَحْزَمَـــــــا